نوازل الأسرة في المجتمع الأمريكي
الموضوع الثاني : المؤتمر الثاني 2005 مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا
وقد دارت المناقشات حول نوازل الأسرة في المجتمع الأمريكي على عدة محاور.
المحور الأول: حول فقه الأقليات:
بين القرار أن هذا التعبير إن قصد به الاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية لنوازل الأقليات الإسلامية من خلال القواعد الشرعية المقررة في باب الاجتهاد، وتفعيل الأصول الاجتهادية التي تتعلق بالأحوال الاستثنائية كقاعدة المصالح والمآلات والضرورات ونحوه، واعتبار خصوصية هذه الأقليات من حيث الاغتراب والالتزام القانوني بأنظمة المجتمعات التي يعيشون فيها، والتطلع إلى تبليغ الدعوة لأهلها، فإن ذلك حق، وينبغي أن يعان عليه من دعا إليه.
– أما إن قصد به تتبع الزلات، وتلمس شواذ الأقوال، والتلفيق بين آراء المجتهدين، بدعوى التجديد وتحقيق المصالح
فإن هذا مسلك باطل، يفضي في نهاية المطاف إلى فصل هذه الأقليات عن جذور أمتها في الشرق، وتأسيس فقه محدث لنوازلها، وأصول بدعية للاجتهاد فيها، وينبغي التحذير منه وبيان سوء مغبته، وبذل النصيحة اللازمة لأصحابه.
المحور الثاني: حول الزواج بالكتابية:
بين القرار أن الكتابية هي التي يثبت انتماؤها المجمل إلى اليهودية أو النصرانية، ووضح أن العقد على الكتابية العفيفة صحيح، وأن الزواج بها مشروع مع الكراهية، ولكنه محفوف بالمخاطر خاصة فيما يتعلق بمستقبل الناشئة، ثم وضح أن للزوجة الكتابية الحق في ممارسة شعائرها الدينية، وأن لها حضانة طفلها عند التفرق حتى يبلغ السابعة، ما لم يترتب على ذلك مضرة بالطفل في دينه.
المحور الثالث: حول إسلام المرأة وبقاء زوجها على غير الإسلام:
بين القرار أنه إذا أسلمت المرأة وبقى زوجها على غير الإسلام حرمت المعاشرة الزوجية بينهما على الفور، وتبقى العصمة موقوفة مدة العدة: فإن أسلم فهما على نكاحهما، وان بقي على دينه حتى انقضاء العدة فالزوجة مخيرة بين أن ترفع أمرها إلى القاضي ليفسخ نكاحها، أو أن تنتظر فيئة زوجها وتترقب إسلامه ليستأنفا نكاحهما متى فاء إلى الإسلام..
المحور الرابع: الزواج الصوري بغية الحصول على الأوراق الرسمية:
بين القرار أن الزواج الصوري هو الذي لا يقصد به أطرافه حقيقة الزواج الشرعي فلا يتقيد باركان ولا شروط، وإنما يتخذ مطية لتحقيق بعض المصالح فحسب، وهو على هذا النحو محرم شرعا لعدم توجه الإرادة إليه، ولخروجه بهذا العقد عن مقاصده الشرعية، ولما يتضمنه من الشروط المنافية لمقصوده.
وأما حكمه ظاهرا فإنه يتوقف على مدى ثبوت الصورية أمام القضاء: فإن ثبتت قضى ببطلانه، وإذا لم تثبت فإنه يحكم بصحته قضاء متى تحققت أركان الزواج وانتفت موانعه.
المحور الخامس: الطلاق الصوري تحقيقا لبعض المصالح الرسمية:
بين القرار أن الطلاق الصوري يؤخذ به صاحبه ما دان قد نطق به أو وكل غيره في إجرائه نيابة عنه سواء أراده أم لم يرده، لأن الكتابة هي الوسيلة الأساسية للإثبات والتوثيق في واقعنا المعاصر، أما في باب الديانة فلا يعتد به إلا مع النية في المختار من أقوال أهل العلم.
المحور السادس: مدى الاعتداد بالزواج المدني الذي يجريه المحاكم الأمريكية:
بين القرار أن الزواج المدني الذي تجريه المحاكم الأمريكية عقد تتخلف فيه بعض أركان الزواج وشروطه الأمر الذي تنتقض به مشروعيته، لكنه إذا وقع وكان قد تحقق له الإشهار وخلا من موانع الزواج ترتبت عليه الآثار المترتبة على عقد الزواج، وذلك لأجل ما فيه من الشبهة، ولكن يجب إعادته في الإطار الإسلامي مستكملا أركانه وشروطه الشرعية.
المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم الأمريكية:
بين القرار انه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه، بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة. وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق.
المحور الثامن: مدى الاعتداد بالخلع أو التفريق للضرر الذي تجريه المراكز الإسلامية:
بين القرار أن للمراكز الإسلامية خارج ديار الإسلام صفة قضائية، فإذا كان للقائم على المركز الإسلامي صفة المحكم سواء باتفاق الطرفين، أو لاصطلاح الجالية المسلمة عليه فإنه يعتد بما يجريه من التفريق بسبب الضرر أو سوء العشرة ونحوه بعد استيفاء الإجراءات القانونية التي تقيه من الوقوع تحت طائلة القانون.
وأكد القرار على ضرورة أن يتبع المحكمون الخطوات الشرعية اللازمة في مثل هذه الحالات كالاستماع إلى طرفي الخصومة، وضرب أجل للغائب منهما، وتجنب التسرع في الحكم، وإقامة العدل بينهما ما أمكن.
المحور التاسع: حول تبني المهجرين من أطفال المسلمين خارج ديار الإسلام:
أكد القرار على ضرورة كفالة اللقطاء واليتامى، وبين ما فيها من القربة والثواب الجزيل، وفرق بين الكفالة المشروعة والتبني بمفهومه الجاهلي الذي ينسب فيه الولد إلى غير أبيه، فيبين أن التبني على هذا النحو من المحرمات القطعية في الشريعة الإسلامية، ولكنه إذا تعين سبيلا لاستنقاذ المهجرين من أبناء المسلمين خارج ديار الإسلام من أخطار تبني الجمعيات غير الإسلامية لهم فإنه يرخص في ذلك بشكل صوري، على أن تتخذ الإجراءات العملية التي تحصر هذه العلاقة في حدود الكفالة وتحول دون الاختلاط في الأنساب.
المحور العاشر: حول زواج الحبلى من الزنى، ونسبة ولد الزنى إلى الزاني:
وقد اختار المجمع جواز تزوج الزانية بمن زنا بها تحقيقا لمقصود الشارع من الستر وترغيبا لكليهما في التوبة، أما فيما يتعلق بنسبة الولد لمن زنى بأمه فقد اختار المجمع مبدئيا جواز إلحاق ولد الزنى بالزاني خارج بلاد الإسلام إذا ادعاه ولم تكن المرأة فراشا لأحد، وذلك درءا للمخاطر التي تتهدد الطفل إذا نشأ مجهول النسب في هذه المجتمعات، ثم أرجا البت النهائي في هذه المسألة إلى المؤتمر القادم لمزيد من البحث والنظر.
المحور الحادي عشر: حول مشاركة المرأة زوجها بخبرتها وعملها في أعماله وحقها في ثروته بناء على ذلك:
بين القرار أنه إذا شاركت الزوجة زوجها في استثماراته التجارية بخبرتها وعملها مشاركة تتجاوز حدود الخدمة المنزلية التي تكون بين الزوجين في العادة، كان لها في ثروته نصيب يرجع في تقديره إلى أهل الخبرة حسبما بذلت من جهد وما تحصل من ثروة.
المحور الثاني عشر: حول نازلة حظر الحجاب في المدارس العامة في فرنسا:
أكد القرار على أن الحجاب فريضة الله على المرأة المسلمة شأنه شأن سائر شعائر الإسلام، وأنه ليس مجرد رمز ديني كتعليق الصليب بالنسبة للنصراني أو تعليق المصحف بالنسبة للمسلم، ثم أعلن أن ما حدث في فرنسا من حظر الحجاب على المسلمات في المدارس والوظائف العامة ظلم صارخ تدينه الشرائع السماوية والدساتير الوضعية ووثائق حقوق الإنسان العالمية لما يتضمنه من عدوان على حرية ممارسة الشعائر الدينية.
وأن على المسلمين في فرنسا إعلان النكير على ذلك ومقاومته بالوسائل القانونية المتاحة، وأنه يتعين عليهم السعي المبكر لتوفير المدارس الإسلامية التي توفر المناخ الملائم لحسن تربية الناشئة. وأن على بقية الأمة إعانتهم على ذلك، وإعلان النكير العام على كل من يصادر على المسلمات هذا الحق فوق كل أرض وتحت كل سماء.