حكم الأحاديث الضعيفة
قرار رقم 3 الندوة الحادية عشرة 1999
قرَّرت الندوة بهذا الخصوص ما يلي:
أولاً: بعد دراسة هذا الموضوع توصلت الندوة إلى أن هناك إفراطاً وتفريطاً لدى العلماء في العصر الحاضر في هذا الصدد، فقد أحل البعض الروايات المعتبرة وغير المعتبرة كلها محل الروايات الصحيحة والثابتة دون أي تفريق بينهما، وموقفهم هذا لا ينسجم مع الحيطة البالغة المطلوبة في حديث: “من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار” (أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)، وفي جانب آخر هناك فئة تحكم على الحديث الضعيف بعدم اعتباره وعدم صحته وترفضه بمجرد أنه ضعيف من حيث السند، على حين أن الأحاديث الضعيفة مقبولة في بعض المناسبات، وكون الحديث ضعيفاً من حيث السند لا يستلزم كون متنه مردوداً وغير مقبول.
ثانياً: الروايات التي هي موضوعة لا تعتبر قطعاً، ولا يجوز الاستدلال بها ولا نقلها ولا روايتها دون التصريح والتوضيح بوضعها، إلا أنه إذا أتى في سلسلة سندٍ راوٍ من الوضاعين للحديث فلا يصح الحكم على متن الحديث ومواده بالوضع بمجرد كون سنده ضعيفاً، بل يحكم عليه بالوضع بعد تحقيق سائر طرق متن الحديث، لأنه يمكن أن يكون هذا المتن منقولاً ومروياً بسند لا يوجد فيه الراوي الذي يضع الحديث.
ثالثاً: إذا روى العديد من الفقهاء والمجتهدين والمحدثين حديثاً مستدلين به، أو أَمَروا بالعمل به، أو ذهبوا إلى التأويل في متن ذلك الحديث بدلاً من ردّه، وعينوا معنى آخر بدل المعنى الظاهر والمتبادر فهو الذي يسمى “التلقي بالقبول”.
رابعاً: ترتقي الأحاديث الضعيفة من حيث السند إلى درجة الأحاديث المقبولة بسبب التلقي بالقبول. كما ترتقي الأحاديث الضعيفة إلى درجة القبول إذا وافقت الأحاديث الصحيحة أو فتاوى الصحابة رضي الله عنهم.
خامساً:الأحاديث التي لا يكون رواتها متهمين بالكذب ولا فاسقين، ولكن كان ضعفها بقلة ضبط الراوي، فيفيدها تعدد الطرق، وترتقي مثل هذه الأحاديث إلى درجة “الحسن لغيره”، شريطة أن يكون الراوي في الطرق الأخرى للحديث كذلك متهماً بخفة الضبط، ولا يكون متهماً بالكذب والفسق. والأحاديث التي تتعارض مع النصوص الثابتة الأخرى أو يكون الضعف فيها بسبب كون الراوي متهماً بالكذب أو الفسق، لا تعتبر في الفضائل ولا في الأحكام.
سادساً:تعتبر الروايات الضعيفة في باب الترغيب والترهيب، بشرط أن لا يكون ضعف هذه الروايات شديداً وبشرط أن تندرج تحت أصل شرعي عام، ويعتقد بالعمل بها الرجاء في الحصول على الثواب أو تجنب العقاب فقط دون الإيقان به.
سابعاً: ونظراً إلى الانحطاط العلمي الموجود في العصر الراهن فإنه يستحسن للعلماء أن يحرصوا في خطبهم وكتاباتهم على ذكر الأحاديث الصحيحة والثابتة، وحيثما يرون ضرورة ذكر مثل هذه الأحاديث فينبغي لهم أن يقوموا بتوضيح درجة وصحة مثل هذه الأحاديث بطريق مناسب حتى لا يعم ذكر الأحاديث الضعيفة والتي لا أساس لها.
ثامناً: الأحاديث التي تكون ضعيفة من حيث السند ويكون ضعفها بقلة الضبط لا بفقدان العدالة، ولا تتعارض مع نص صحيح وثابت تثبت بها الأحكام الاحتياطية يعني الكراهة والاستحباب.
تاسعاً:وكذلك الأحكام التي لا يوجد لها دليل شرعي آخر غير الحديث الضعيف يعمل فيه بالحديث الضعيف، والعمل به أرجح من العمل بالقياس المبني على العلة غير المنصوصة، وهو مذهب جمهور السلف[1].
1. الأستاذ عبد الله جولم لا يوافق على مادة رقم: 8 و 9 من هذا القرار.