حقوق السجناء
قرار رقم 1 الندوة الفقهية الثامنة عشرة 2009
قد شهد العالم في العصر الحديث أحداثا كثيرة خاصة بسوء المعاملة مع السجناء، وهي من بواعث القلق والاضطراب لكل شخص يحب الإنسانية. ففي هذا المنظور قد اتخذت الندوة التي عقدها مجمع الفقه الإسلامي بالهند، القرارات التالية موضحة الأحكام الإسلامية والخلقية بقضايا السجناء:
أولاً: إن الإنسان، على الرغم من ارتكابه جريمة، يبقى إنسانا، وهوسيُعاقب حتما بناء على جريمته، ولكنه لا يكون محروماً من حقه الذي يتقاضى احترام ذاته.
ثانياً: ولا يمكن اعتبار شخص متهمٍ بجريمة مجرما إلا أن تثبت جريمته. ولا يجوز السلوك معه مثلما يكون السلوك مع المجرمين.
ثالثاً: ويجوز أن يُسجن أحد بناء على تهمة بشرط أن توجد إشارات قوية تؤيد تلك التهمة، وبشرط أن تُوجد علامات واضحة للشك في المتهم به، وفي هذا الوضع يتوقف على المحكمة أن تقرر مدة الحبس التي تراها مناسبة، ولكن من الضروري ألا تكون هذه المدة مثلما تكون لجريمة ثابتة.
رابعاً ومن حقوق السجناء فيما يلي:
أ- ويحصل السجين على حرية العبادة والعمل حسب ديانته، ولا يتم بهذا الخصوص أي تمييز ضده. وبالإضافة إلى ذلك سيتم توفير الغذاء له وفق تعليماته الدينية. ويتم اجتناب الإساءة إلى قدسية الشخصيات والكتب الدينية له.
ب – ويتم الاهتمام بالوفاء بحاجات السجناء الجسمية نحو الغذاء المناسب، والمياه الصالحة للشرب، والملابس حسب الموسم، بالإضافة إلى تسهيلات العلاج. وممارسة الرياضة البدنية لرعاية صحتهم. ولا يكون من الصواب وضع السجناء في مكان ضيق لا يمكن فيه الوقوف أو الاستلقاء بمد الرِجلين، أو لا توجد تسهيلات لازمة للحياة من الهواء والنور.
ج- ومن حقوق السجناء الاجتماعية الحصول على فرص التعلم، واللقاء بالسجناء الآخرين والاتصال بأقربائهم في حالة عادية. أما بالنسبة للإذاعة والتلفزيون فهي من وسائل التمتع، وليس من الضروري توفيرها. وأما الجرائد فهي تتوقف على الحكومة التي قد توفرها إذا رأتها مناسبة.
- ولا بد من اجتناب وضع الرجال والنساء في مكان يوجد فيه الاختلاط فيما بينهم. كما يجب أن يكون مكان الرجال بإشراف رجل، وكذلك يكون أمر النساء. وعلى نفس الأسلوب تكون رعاية الجنسين في الأمور داخل مكان الحبس. كما يجب وضع البالغين وغير البالغين في مكانين مختلفين.
خامساً: وإن إجراء فحص ناركو على السجناء لدفعه إلى التعبير عن الصدق، وخلع ملابسهم، وإجراء الصدمة الكهربائية عليهم، وإكراههم على الاستيقاظ وقت النوم، وإطلاق الكلاب عليهم، وإلقاءهم على الجليد، وإضاءة مكانهم إضاءة مؤلمة، أو إسماعهم صوتا شديداً للغاية، فلا تجوز هذه الأمور كلها بكونها غير خلقية، وغير إنسانية. وكذلك من الحرام اختيار طريقة يتضرر بها عضو من الجسم، أو من المحتمل أن يصاب بالتلف،أو تتأثر بها صحة الدماغ.
سادساً: ولا يجوز تكبيل السجناء بالأغلال، بما فيها أغلال اليدين أو القدمين، إلا أنه إذا كان المجرم خطيرا جداً أو مصرّاً على ارتكاب الجريمة، أو يُخاف أنه سيفر أو يضر نفسه أو الآخرين، فيمكن اتخاذ تدابير مناسبة لكبحه.
سابعاً:ويمكن حبس المجرم لمدة يتفق عليها الطبيب، ويجب ألا تكون هذه المدة طويلة إلى حد أن يُصاب فيها بالمرض الذهني.
ثامناً: ويجوز إجبار السجين على العمل حسب قدرته إذا كان ذلك العمل جزءاً من العقوبة. ولا يستحق السجين أجرة عمله، إلا أن ينص القانون عليها، فحينئذ تكون تلك الأجرة حلالا له، ويستحقّها إذا لم يكن ذلك العمل جزءاً من العقوبة.
تاسعاً: وينبغي اعتبار السجين المتهم بجريمة بريئاً قبل المحاكمة، ولا يجوز معاملته معاملة المجرم، فلا يُجبر على العمل، بل الواجب أن تكون معاملته أحسن مقارنة مع السجناء الآخرين.
عاشراً وقبل المحاكمة لا يكون من الصواب حبس السجناء لمدة تساوي مدة حبس المرتكب الحقيقي لتلك الجريمة، ولا يناسب التأخير إما في التحقيق أو في القضاء. كي لا تتجاوز مدة الحبس، أثناء المحاكمة، مدة العقوبة. وإذا حصل هذا فسيكون من اللازم إطلاق سراحه مباشرة.
حادي عشر: ويجب إعطاء التعويض المالي إذا ثبت أن المتهم كان بريئاً.
ثاني عشر: ويحصل السجين على حق الاتصال بمحاميه والتشاور مع أقربائه وأصدقائه في صدد المحاكمة، وحق الدفاع عنه.
ثالث عشر:ويُسمح للمرأة بأن يكون رضيعها معها في السجن.
رابع عشر:وقد أعرب المشاركون في الندوة عن إحساسهم بأن القوانين والضوابط الخاصة بالسجناء والسجون توافق معظمها على الأحكام الخاصة بالأمور المذكورة أعلاه، إلا أنها لا يتم تنفيذها عملياً، فهذه الندوة تطالب أن يُمنح السجناء كافة الحقوق. وكذلك أعرب المشاركون عن إحساسهم بأنه يتم القبض على المواطنين بدون أدلة قوية بصرف النظر عن القوانين وتعليمات المحكمة العليا. فقد وقعت عديد من أحداث القبض على الشباب المسلمين في السنوات الماضية، وقد اُفيد بأنه يتم تعذيبهم بعد القبض عليهم. وتسجل الشرطة عن اعتقالهم أياماً بعد وضعهم تحت حراستهم، وتقدمها إلى المحكمة. وإن سلوك الشرطة ومؤسسات تنفيذ القوانين وإهمال الحكومة يؤدي إلى بالغ القلق والاضطراب، ويشوه سمعة نظامنا الديمقراطي، فنظراً إلى ذلك تطالب الندوة الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية أن تجعل الشرطة مقيدة بالقوانين والضوابط وتعليمات المحكمة العليا. وتعاقب القائمين بمخالفتها عقاباً شديداً، وتصدر توجيهات قوية تؤكد عدم اعتقال أي شخص بدون أدلة محكمة، وعدم تعذيبه.
خامس عشر: وتشعر الندوة أيضاً بأن السجون التي أنشأتها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية بحجة مكافحة الإرهاب حيث يتم تعذيب السجناء تعذيبا وحشيا، غير إنسانية ومخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية، والتي لا بد أن تلتفت إليها الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى ولجان حقوق الإنسان. ونحن نطالبها جميعا أن ترفع أصواتها ضد هذه السجون والاعتداءات المرتكبة فيها. وتجعل هذه الدول مقيدة بالقوانين الدولية.
سادس عشر:وتعرب الندوة عن القلق البالغ لأنّ بعض المحامين ونقابتهم يرفضون قبول قضايا المتهمين بالإرهاب، مع أن كل شخص له حق الدفاع عن ذاته.وهذا من القوانين الدولية المعترف بها أن المتهم لا يتم اعتباره مجرماً، كما لا يسمح دستور الهند بأن يتم اعتباره مجرماً، وذلك لأن هذه العملية لا تلائم المقتضيات الإنسانية الأخلاقية. وليس من واجبات المحامين إلا إقامة العدل، فمن الأسف الشديد أن هذه المجموعة تجتنب أداء واجباتها، فتطالب هذه الندوة المحامين أن يجتنبوا مثل هذا السلوك الغير شرعي، كما تطالب الحكومة أن تمنع المحامين من سلوكهم الحالي.