معالم العودة إلى المنهج الحضاري في الإسلام
قرار رقم 1 الدورة الثامنة عشرة 2007
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، الموافق 9-14 تموز (يوليو) 2007م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع معالم العودة إلى المنهج الحضاري في الإسلام، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
وبعد استحضار سبق الإسلام إلى تأسيس الدولة الرشيدة، ووضع رسوله الأعظم وثيقة المدينة المنورة التي اشتملت على تحديد العلاقات في المجتمع الإسلامي الأول والإعلان العالمي لحقوق الإنسان في خطبة الوداع،
وفي ضوء نصوص الكتاب والسُنة التي هي الدستور الإسلامي، من مثل قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ) [النحل : 90]، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) [النساء : 59]،
قرر ما يأتي :
أولاً: إن اتباع منهج حضاري إسلامي: يتيح الفرصة للمسلمين لاستعادة دورهم وتقديم رسالتهم الإنسانية للإسهام في إنقاذ العالم من ظلمات المادية الطاغية.
ثانياً: إن السبيل لعلاج التخلف الذي تعاني منه الأمة يتم بالعودة الصادقة للدين القيم، لأن الأوضاع المأساوية التي يعيش فيها المسلمون هي بسبب التخلي عن تعاليم الإسلام وتقليد المناهج الوضعية,
ثالثاً: إن المنهج الحضاري الإسلامي القائم على خطة محكمة، يًحرر المجتمعات والبلدان الإسلامية من الهيمنة والتبعية والتخلف.
رابعاً: إن حُسن فهم الإسلام، وَجدِّية الالتزام بأحكامه وتطبيقه في تكامل وتوازن من اللوازم الضرورية لنجاح مشروع النهضة الإسلامية.
خامساً: ترسـيخ مبــــدأ الشـــورى نظرياً وعمليــــــــــاً امتثــــالاً لقولــــــه تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) [آل عمران : 159]، وقوله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) [الشورى : 38] انطلاقاً من أن الشورى أساس متين من أسس تكوين دولة الإسلام.
سادساً: مشروعية الفصل بين السلطات (توزيعها): التنفيذية والتشريعية والقضائية، حسبما استقر بعد عهد التشريع، وذلك استمداداً من الممارسة العملية لصاحب الرسالة (صلى الله عليه وسلم)، في تنوع تصرفاته بين الرسالة والإمامة والقضاء.
سابعاً: إقرار حق المواطنة بما يشمل غير المسلمين، وفقاً للضوابط الشرعية في مقابلة الحقوق بالواجبات.
ثامناً: إشراك المرأة في الأنشـطة العامة بما لا يخل بالأحكام الشـرعية الخاصة بها (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) [التوبة : 71].
تاسعاً: وجوب المبادرة إلى التخلص من السلبيات التي يعيشها المسلمون للتغلب على التحديات التي يواجهونها، مثل:
(أ) التعصب المذهبي الذي يشـــكل عقبة أمام تيار التجديد المنضبط.
(ب) التطرف الفكري والسلوكي الذي يثير المشكلات في المجتمع وتتمخض عنه الحركات المتطرفة.
(ج) الإلحاد أو اللادينيــة التي تقوم على رفض ارتباط الدين بالحياة.
(د) أحادية المعرفة: (الجزئية) التي تحجب صاحبها عن الأبعاد الحقيقية للقضايا.
(ه) عدم إدراك قيمة الوقت وأثره في فشل المسلمين وتخلفهم.
ويوصي بما يلي:
(أ) تقوية الإيمان والعمل الصالح باعتبارهما الخطوة الأولى في الجهود التربوية الهادفة إلى إيجاد الشخصية المسلمة لاستعادة دور الحضارة الإسلامية وإسهامها في الحضارة الإنسانية.
(ب) التأكيد على أن المنهج الحضاري الإسلامي يقوم على ترسيخ القيم الأخلاقية الإسلامية في المجتمع.
(ج) الإشادة بتوجه ماليزيا – لتبني مشروعها منهج الإسلام الحضاري – ودعوتها إلى عقد مؤتمر علمي دولي لبيان حقائق الإسلام الحضارية ومضامين رسالته الخالدة، لتكون نتائج هذا المؤتمر العلمي تحت نظر المفكرين والقيادين في البلاد الإسلامية.
والله أعلم