الحدود والقصاص والدياتالدعوة الى الله

بيان المجمع حول أعمال العنف والإرهاب

بيان: المؤتمر الثاني 2005 مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا

ثم أصدر المجمع في النهاية بيانا حول ما يجري في العالم من أحداث العنف والإرهاب على الساحة الدولية، أكد فيه على أن الأصل في العلاقة بين بني البشر هو التعارف والتعايش، على أساس من البر والقسط، والتعاون المشترك على عمارة أرض الله، وإقامة العدل بين عباده، وأن الحوار والمجادلة بالحسنى هو آلية التواصل بينهم، وأن لكل إنسان حقه في حرية ضميره الديني، وأن يتحمل وحده مسئولية هذا الاختيار كما قال تعالى: [لا إكراه في الدين قد تَبيَن الرشد من الغيِ][البقرة آية: 256] كما أكد على ضرورة الاتفاق على تعريف دولي محدد للإرهاب حتى لا يتخذ ذريعة لتجريم من يدافع عن دينه وعرضه وأرضه ووطنه ضد الغاصبين والطامعين، وهو حق مشروع في الشرائع الإلهية، والقوانين الدولية. ثم تبنى ما جاء في بيان مكة حول تعريف الإرهاب بأنه العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان في دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنهـا، قال تعالى: [وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحبُّ الْمُفْسِدِين] [القصص آية: 77]

وأكد على استنكار إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي الحنيف – دين الرحمة والمحبة والسلام – ووصم معتنقيه بالتطرف والعنف، وبين أنه افتراء ظالم كما تشهد بذلك نصوص الإسلام وأحكام شريعته الحنيفية السمحة، وتاريخ المسلمين الصادق النزيه. قال تعالى مخاطباً نبيه محمداًُ صلى الله عليه وسلم: [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين] [الأنبياء آية: 107]

وبين أن الإرهاب ظاهرة عالمية لم تخل منها الملل والحضارات على مدار التاريخ، وأن لها أسبابا وبواعث كثيرة: منها الجهالة، والظلم الاجتماعي، وعدم التمتع بالخدمات الأساسية، وانتشار البطالة وشح فرص العمل، وتدهور الاقتصاد وتدني دخول الأفراد، وأن لوجودها في بعض المجتمعات الإسلامية كما ظهر ذلك حديثا أسبابا عديدة، على رأسها: التطرف في محاربة الدين وإقصاء شريعته من قبل العلمانيين واللادينيين، وتناوله بالتجريح والسخرية والاستهزاء، ومنها المعالجات الإعلامية الظالمة والمتحيزة لهذه الظاهرة وركوب موجتها للنيل من القيم والخلق والدين، وأكد على وجوب التكاتف للقضاء على هذه الأسباب حتى ينعم العالم بالأمن والأمان وتختفي من آفاقه هذه الظاهرة الأسيفة المروعة..

كما أدان الإرهاب الذي تمارسه بعض القوى العالمية، وتصادر به حق كثير من الشعوب في حياة حرة كريمة، وتستطيل به على خيراتها ومقدراتها، وتجتاح به أرضها وتستبيح به دماءها وأموالها وأعراضها بغيا وعدوانا بغير حق.

ثم أشار إلى الحكم الشرعي في الأعمال الإرهابية من تخريب وتهديد وتفجيرات فبين أنه من كبائر الذنوب وموبقات الأعمال، وقد رتب الشارع الحكيم على مرتكبيها المباشرين لها والمشاركين فيها تخطيطاً ودعماً مالياً وإمداداً بالسلاح والعتاد، كل ذلك قد رتب الشارع عليه عقوبات رادعة كفيلة بدفع شرهم ودرء خطرهم، والاقتصاص العادل منهم، وردع من تسول له نفسه سلوك مسلكهم

ثم أشار إلى بعض وسائل الوقاية من التطرف وما ينجم عنه من أعمال الإرهاب والتخريب فذكر منها:

العمل الجاد على استفاضة العلم بالوسطية والاعتدال، واعتبار الخصوصيات الحضارية لمختلف الأمم والشعوب، والدعوة إلى الإيقاف الفوري للعنف المنظم الذي تمارسه بعض الدول والكيانات العنصرية في عالمنا المعاصر، والموضوعية في معالجة هذه الظاهرة من قبل الساسة والإعلاميين، وتجتب اتخاذها ذريعة للاستطالة على التدين والبطش بالمتدينين، والتربية الواعية الهادفة المخطط لها من أهل العلم والصلاح والخبرة، ووضع منهاج عملي واضح سهل ميسر لتحقيق ذلك.

ثم ختم بنصيحة توجه بها إلى المسلمين المقيمين في الغرب، فأوصاهم بالوفاء بمقتضيات عقود الأمان التي أنيطت بأعناقهم بمقتضى إقامتهم في هذه المجتمعات، وأكد على ضرورة مراعاة قوانين هذه المجتمعات، والوفاء بما أنيط بهم بمقتضاها من حقوق والتزامات بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.

ثم توجه بكلمة شكر إلى الحكومة الدانمركية على ما وفرت من أسباب ومبادرات مشكورة لعقد هذا المؤتمر على أرضها سواء بتيسير استصدار تأشيرات الدخول أو إيفاد عدد من كبار المسئولين إلى الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر، أو تغطيتها في وسائل إعلامها المسموعة والمرئية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى